مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الباب الثاني فيما يتعلق بجملة الفاتحة

صفحة 1146 - الجزء 2

  جعلوهما محلاً لقضاء فرض القراءة، اللهم إلا أن يحمل كلامهم على أنه يقضي فيهما قراءة الأوليين مع الإتيان بالمشروع فيهما من قراءة أو تسبيح، كما قيل في تأويل ما روي عن زين العابدين أنه نسي فاتحة الكتاب في الأولى فقرأها في الثانية وسجد سجدتي السهو، أن المراد أنه قرأها في الثانية مع قراءة تلك الركعة، ولا أعلم ما الذي يصرف وجوب القراءة أو التسبيح في الأخريين.

  فإن قيل: الصارف أنه لم يأمر في حديث المسيء إلا بالقراءة وقد علم من مواظبة النبي ÷ عليها في الأوليين وعدوله إلى التسبيح في الأخريين أن محل الوجوب الأوليان فقط؛ إذ هو بيان للأمر المجمل.

  قيل: حديث المسيء قد وقع فيه الأمر بالقراءة في كل ركعة كما مر تقريره، وثبت الأمر في غيره بالتسبيح أو القراءة في الأخريين وصح فعلهما، فيجب حمل الوجوب فيه⁣(⁣١) في الأخريين على التخيير.

  وكذلك حديث أبي سعيد فيكون كأنه قال: الواجب في الأخريين إما الفاتحة أو التسبيح؛ إذ الواجب الجمع بين الأدلة مهما أمكن، وأيضاً فإن أفعاله ÷ وأفعال وصيه # في الصلاة محمولة على الوجوب لأنها مبينة للأوامر المجملة فلا يخرج عن الوجوب إلا ما خصه دليل، وأيضا فإن الله تعالى قد كرر الأمر بإقامة الصلاة، والمراد الصلاة التي كان يصليها رسول الله ÷ إذ التعريف فيها للعهد، فكل ما فعله الرسول ÷ فيها كان داخلا تحت الأمر بالإقامة فيكون واجبا إلا بدليل.


(١) أي في حديث المسيء. تمت مؤلف.