الباب الثاني فيما يتعلق بجملة الفاتحة
  وقد صح عنه في الأخريين القراءة تارة والتسبيح أخرى، فلا محيص عن القول بوجوبها على البدل ما لم يظهر ما يدفع الوجوب من كتاب أو سنة أو إجماع، وما في حديث سعد من ذكر الحذف في الأخريين، فالمراد به تخفيف القراءة بترك الزيادة على الفاتحة كما مر.
تنبيه [وجوب القراءة في صلاتي الظهرين]
  قد ثبت بما مر وجوب القراءة في صلاتي الظهر والعصر، وفي ذلك لم إبطال لما مر عن ابن عباس من عدم وجوبها فيهما، والظاهر أنه يعتمد في ذلك إلا على عدم العلم، فقد روى عنه النسائي أنه سئل: أكان رسول الله ÷ يقرأ في الظهر والعصر؟ فقال: لا لا، فقيل له: فلعله كان يقرأ في نفسه، فقال حمساً هذه أشد من الأولى، فكان عبداً مأموراً بلغ ما أرسل به.
  فقوله: فكان عبداً مأموراً ... إلخ، يدل على أنه لم يبلغه التبليغ بوجوب القرءاة، وإنما سمعها منه في الجهرية، فقصر الوجوب عليها؛ إذ معنى كلامه هذا أن القراءة لو كانت واجبة فيهما لبلغها النبي ÷، وإذا كان معتمداً على عدم علمه فمن علم حجة على من لم يعلم.
  وقد روى عنه أبو داود أنه كان متردداً وأنه قال: لا أدري أكان رسول الله ÷ يقرأ في الظهر والعصر أم لا، وهذا يقوي ما قلنا من اعتماده على عدم العلم.