الباب الثاني فيما يتعلق بجملة الفاتحة
  فإن قيل: ظاهر الأدلة الوجوب لأن في بعضها عطف الزيادة بالفاء لقوله: «فصاعداً» وهي للترتيب، وفي بعضها بالواو وهي أيضاً للترتيب عند أهل المذهب، هذا مع مواظبته ÷ طول عمره على تقديم الفاتحة فما هو الصارف للظاهر؟
  قيل: الصارف ما مر من حديث حذيفة؛ إذ لا فارق بين الفاتحة وغيرها، ولأن ترتيب السور ليس بتوقيف من الشارع عند الجمهور، ولذلك اختلفت مصاحف السلف قبل مصحف عثمان، فروي أنه كان أول مصحف على #: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}[العلق: ١]، وكان أول مصحف أبي (الفاتحة) ثم (النساء) إلى غير ذلك من الاختلاف، وإذا لم يكن الترتيب بتوقيف الشارع لم يكن في مخالفة هذا الترتيب الموجود الآن مخالفة للسنة في الترتيب، على أن القائلين بأنه عن توقيف لا يقولون بعدم جواز مخالفته في التلاوة، وحينئذ يكون جواز تقديم السورة على الفاتحة مجمع عليه.
  قال أبو الحسن بن بطال: ومن قال بهذا القول - يعني أن الترتيب بتوقيف الشارع - لا يقول أن تلاوة القرآن في الصلاة والدرس يجب أن تكون مرتبة على حسب الترتيب الموقف عليه في المصحف، بل إنما يجب تأليف سورة في الرسم والخط خاصة، ولا يعلم أن أحداً منهم قال: إن ترتيب ذلك واجب في الصلاة وفي قراءة القرآن ودرسه، وأنه لا يحل لأحد أن يتلقن (الكهف) قبل (البقرة)، ولا (الحج) قبل (الكهف)، ألا ترى قول عائشة للذي سألها: لا يضرك أية [سورة]