مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

[فائدة في منشأ الغلط للقياس]

صفحة 117 - الجزء 1

  وكل إنسان وفرس فهو فرس ينتج أن بعض الإنسان فرس، والغلط فيه أن موضوع المقدمتين غير موجود؛ إذ لا يوجد ما يصدق عليه أنه إنسان وفرس، وكالحكم على الجنس بحكم النوع كقولنا الفرس حيوان وكل حيوان ناطق ينتج الفرس ناطق، والغلط فيه من جهة الحكم على الجنس الذي هو حيوان بحكم النوع الذي هو إنسان، وكجعل الوهمي كالقطعي كقولك في رجل يخبط في البحث وهو بعيد عن الفهم: هذا يتكلم بألفاظ العلم وكل من يتكلم بألفاظ العلم عالم فهذا عالم، والغلط فيه جعل توهم عالميته كالمقطوع بها.

  قال في شرح (الشمسية): (وكأخذ الذهنيات مكان الخارجيات نحو: الحدوث حادث وكل حادث له حدوث، فالحدوث له حدوث، وكأخذ الخارجيات مكان الذهنيات كقولنا: الجوهر موجود في الذهن وكل موجود في الذهن قائم بالذهن فهو عرض ينتج أن الجوهر عرض)، وهذا القدر كاف في بيان كلامهم في قياسهم؛ إذ ليس المراد استيفاء قواعدهم والإتيان بعللهم، بل بيان ما ادعينا من عدم الفوائد، وما يلزم منه من المفاسد؛ لكن لما كان الحكم على هذا الفن بما ذكر من دون بيان شيء من قواعده حكماً على مجهول وهو لا يصح، وربما قال قائل: لعل الحكم عليه بهذا صادر عن غير تثبت وبصيرة، أيقنا بهذه النبذة لصحة الحكم ودفع الوهم، وإذا تقرر لك هذا فالكلام عليه يقع في موضعين:

  الأول: في بيان الاستغناء عنه وعدم فائدته، والثاني: فيما يؤدي إليه من المفاسد.