المسألة الخامسة: في ذكر الأدلة وشروط الاستدلال بها
  الموضع الأول: في بيان الاستغناء عنه وعدم الفائدة فيه، وبيانه من وجهين:
  أحدهما: ما تقدم عن السيد حميدان والإمام القاسم، وأن جميع ما يذكرونه من الأمثلة في الأشكال الأربعة لا ثمرة له ولا فائدة، علمنا أن كل إنسان حيوان علمنا أنه ليس بحجر من دون تكلف إيراد المقدمتين، وتركيبها في شكل مخصوص، ونحو ذلك من الأمثلة التي تقدمت، ولا يحتاج في العلم بذلك إلى تركيب القياس، ولهذا لو منع أحدنا عن القياس لم يخرج بذلك عن كونه عالماً، بل يعلم بذلك من لم يسمع علم المنطق فضلاً عن أن يحتاج إلى المطالعة فيه، مع أنهم يشترطون في المقدمات أن تنتهي إلى الضرورة قالوا: بحيث لا يحتاج في فهم معناها إلى تأمل، وإذا كان ضرورياً فهو غير واقف على اختيارنا؛ لأن عند حصول العلم الضروري بالمقدمتين تتأهل النفس لأن يفعل الله فيها العلم بالنتيجة فأي فعل يفعله القائس حينئذٍ، فثبت عدم فائدته، والاستغناء(١) عنه.
  الوجه الثاني: أن حاصل ما ذكروه من البراهين الحاصلة عن أشكالهم راجع إلى نوع واحد من العلم، وهو إلحاق التفصيل بالجملة، وهو من أقل العلوم كلفة، فما الفائدة في تركيب أشكال وتوسيع مقال، وتعقيد عبارة في أمر يحصل بأدنى تأمل، بيان ذلك أن من علم أن كل ظلم قبيح، ثم علم في فعل معين أنه ظلم فإن هذين العلمين يدعوانه إلى فعل علم ثالث يقبح هذا المعين إلحاقاً للتفصيل
(١) بالرفع عطفاً على (عدم فائدته) تمت مؤلف.