مسائل مهمة تتعلق بجملة سورة الفاتحة
  قلت: والجزري من أئمة القراء المعتمد عليهم في نقل القراءت وكلام الأئمة فيها، وحكى في (النيل) عنه أنه قال: زعم بعض المتأخرين أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، ولا يخفى ما فيه؛ لأنا إذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثير من أحرف الخلاف الثابتة عن هؤلاء السبعة وغيرهم.
  قال: ولقد كنت أجنح إلى هذا القول ثم ظهر فساده وموافقة أئمة السلف والخلف على خلافه، وقال: القراءة المنسوبة إلى كل قاريء من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ، غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحيح المجمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما نقل عن غيرهم. فانظر كيف جعل اشتراط التواتر قولا لبعض المتأخرين فقط!
  وفي (الإتقان): قال أبو شامة في (المرشد الوجيز): لا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى أحد السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة وأنها أنزلت هكذا إلا إذا دخلت في ذلك الضابط.
  إذا عرفت هذا فاعلم أن أصل الخلاف هو اشتراط التواتر في القراءة وعدمه، فمن اشترطه قال لا تجزي الصلاة بالشاذة لعدم تحقق كونها قرآناً، بل تفسد بها لأنها والحال هذه من كلام الناس، وهولاء أو أكثرهم قالوا: لم يتواتر إلا السبع وما عداها شاذ، واعترض بأنه لا دليل على اشتراط التواتر، وبعدم تسليم تواتر السبع إذ لم يرو عن كل واحد منهم إلا اثنان، وكذلك من بعدهم فإن غالب