مسائل مهمة تتعلق بجملة سورة الفاتحة
  والآثار في ذلك كثيرة وكلها تدل على قبح اللحن مطلقاً، فكيف باللحن في قراءة الصلاة التي هي أم العبادات، والمراد باللحن المفسد هو اللحن في إعراب الكلمة، وتغيير بنيتها لا ترك التجويد الذي لا يعرفه إلا علماء القراءة، وإن كانوا قد عدوه لحناً لأنهم قسموا اللحن إلى جلي وخفي.
  قال في (الإتقان): فاللحن خلل يطرأ على الألفاظ فيخل، إلا أن الجلي يخل إخلالاً ظاهراً يشترك في معرفته علماء القراءة وغيرهم، وهو الخطأ في الإعراب، والخفي يخل إخلالاً يختص بمعرفته علماء القراءة وأئمة الأداء الذين تلقوه من أفواه العلماء، وضبطوه من ألفاظ أهل الأداء.
  قلت: والقول بوجوب مراعاة هذا على كل قارئ ومصل ينافي التيسير الذي أراده الله بنا، ويمنع رفع الحرج الذي رفعه الله عنا؛ إذ لا يهتدي لذلك إلا خواص من الناس بعد رياضة وتعب، ولذا قال الجزري: لا أعلم لبلوغ الغاية في التجويد مثل رياضة الألسن والتكرار على اللفظ المتلقى من فم المحسن، وقد كان العجم يتعلمون القرآن في زمن الرسول ÷، ومن المعلوم أن ألسنتهم لا تواتيهم على النطق به على مقتضى قواعد التجويد، ولم يأمرهم بتعلمها، يدل على ذلك ما أخرجه أبو داود عن جابر قال: خرج علينا رسول الله ÷ ونحن نقرأ القرآن، وفينا الأعرابي والعجمي، فقال: «اقرءوا فكل حسن، وسيجيء أقوام يقيمونه كما يقام القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه».