الباب الثاني فيما يتعلق بجملة الفاتحة
  لا يمكن النطق به على الوجه الذي ذكرناه من دون أن يكون مسموعاً للمتكلم، وحينئذ يكون الخلاف راجع إلى تحقق هذا الإمكان وعدمه، ولعل الألسن مختلفة في ذلك فمن عرف عدم تمكنه بدون إسماع نفسه قال: إنه إذا لم يسمع نفسه فليس بمتكلم كما قاله النووي، وقواه الإمام عز الدين #، ومن عرف من نفسه التمكن جعل غير المسموع كلاماً، ولا يخفى أنه لو قدر إمكان ذلك فلا يكون إلا بتكلف لإخفاء الحروف ومشقة وحرج، والدين مبني على نفي الحرج فلا يصح القول بقصر الإسرار المشروع على عدم إسماع النفس كما روي عن بعضهم.
  وفي كلام المقبلي ما يدل على ما قلناه فإنه قال: الكلام نوع من الصوت وكل صوت مسموع، فالشرط أن يعلم أو يظن حصول الصوت المخصوص وإن لم يسمع المتكلم نفسه؛ إذ كل حقيقة شيء لا يشترط فيها الإضافة إلى متعلق خاص، فإن الشرط في مسمى النار هو مطلق الإحراق لا إحراق السعف مثلاً، ثم قال: نعم إنما يحصل العلم أو الظن بنوع قوة في حركة المخارج لا بالوضع، وذلك ظاهر.
تنبيه
  قال المنصور بالله: الواجب على المرأة الجهر في موضعه أخف من جهر الرجل بحيث تسمع من يليها إن كانت إماماً أو تسمع نفسها إن انفردت، ذكره في (المهذب)، وبه قال الفقيه(١) وهو المذهب،
(١) لعل المؤلف يقصد بالفقيه محمد بن أسعد المرادي المتوفى سنة ٦٠٣ هـ، والذي قام بترتيب المهذب.