مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

مسائل مهمة تتعلق بجملة سورة الفاتحة

صفحة 1217 - الجزء 2

  كما في (القاموس): هو التكلم بصوت وحروف تعرف بها المعاني. ولم يشترط أن يكون مسموعاً، وإطلاقات أهل اللغة يجب استعمالها كما يجب في إطلاقات الشارع، وإذا ضممت هذا إلى ما تقدم عن أهل اللغة في معنى المخافتة علمت أن لها معنيين:

  أحدهما: أن يخافت بحيث لا يسمع كلامه.

  والثاني: أن يسمع نفسه أو من بجنبه وكلاهما قد تناولت الأدلة جوازهما لإطلاق المخافتة على كل منهما ولا مانع لأحدهما.

  وأما الإسرار إذا وصف به القول فهو بمعنى المخافتة؛ إذ لا يوصف من أمر القرآن على قلبه بأنه قارئ، ولذا قالوا: لا تصح صلاته حينئذ.

  وقال النووي: لا يجوز حمل الإسرار على حقيقته لأنه هو الكلام النفسي بحيث لو استغنى به المصلي لما صحت صلاته.

  وقال الجلال: السر هو ما لا يطلع عليه، قال: وإنما سمي أقل الجهر الذي جعلوه أقل الإسرار إسرارا تجوزا، وإلا فهو مخافتة كما صرح به في قوله تعالى: {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا}⁣[الإسراء: ١١٠]، وكان الواجب هو التعبير⁣(⁣١) بالمخافتة اتباعاً لعبارة القرآن.

  قلت: يجوز أن يطلق بالاشتراك على ما ذكره وعلى المخافتة، ويشهد له قوله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ}⁣[الملك: ١٣] فأطلق الإسرار على القول والقول لا يكون إلا كلاماً منطوقاً به، ويؤيده أنه جعله قسيما للجهر الذي هو قسيم المخافتة، وعندي أن الكلام


(١) يعني في الأزهار. تمت مؤلف.