مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الباب الثاني فيما يتعلق بجملة الفاتحة

صفحة 1245 - الجزء 2

  الأمر الثاني مما اختلفوا فيه التوجه عند من يرى شرعيته بعد التكبيرة، فمنهم من قال: هو مشروع في حقه، وكذا في حق من صلى خلف من يقدم التوجه على التكبير، أو دخل في أثناء الصلاة والإمام يقرأ؛ لأن أدلة شرعيته مخصصة لعموم النهي كما خصصته أدلة قراءة الفاتحة، وإنما افترقا من حيث أن مخصص التوجه منفصل، ومخصص الفاتحة متصل كما في حديث عبادة، وهذا الفرق غير معتبر لاستوائهما في إفادة الحكم.

  فإن قيل: المقرر أن الدليلين إذا كان بينهما عموم وخصوص من وجه لم يخص أحدهما بالآخر إلا: بمرجح، وهنا دليل شرعية التوجه عام يتناول حال جهر الإمام، وعموم أدلة النهي يدل على النهي عنه في هذه الحالة، فما هو المرجح لما ذهبتم إليه؟

  قيل: لا نسلم أن في أدلة التوجه صيغة عموم بل هو خاص، سلمنا أن فيها ما يجري مجرى العموم⁣(⁣١) فقد تقرر أن العام الذي خص أولى بالتخصيص، وإذا كان كذلك فعموم النهي قد خص منه الفاتحة وعموم دليل التوجه لم يخص منه شيء، فيكون إبقاء دلالته والعمل بها في جميع الأحوال أرجح على أن مع الإسرار به تزول علة النهي المشار إليها في الأخبار وهي التخليط والمنازعة، فلا يكون فيه منافاة للنهي بالكلية.

  قال بعض المحققين: فيه شبه الجمع بين الأدلة بخلاف ترك الاستفتاح فإنه إبطال للدليل بالكلية، واستدل بعضهم بما في بعض الروايات


(١) وهو صدقه على حال جهر الإمام وغيرها. تمت مؤلف.