مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الموضع الثاني: في بيان محل الخلاف

صفحة 129 - الجزء 1

  التفسير لأن قولهم مثلاً بقبح الفصد من حيث أن النفس تنفر منه لتألمها به لا من حيث النفع المقتضي لحسنه، فالنفرة من هذه الحيثية أعني من حيث التألم لازمة له ولا يختص بها العقلاء، وكذلك القول في حسن الكذب بالمعنى المذكور، فإن حسنه من حيث أنه التذّ به لا من حيث كونه كذباً، فتأمل.

  وأما المعنيان الأخيران أعني التحسين والتقبيح بمعنى الكمال والنقص كما يقال: العلم حسن أي كمال لمن اتصف به، والجهل قبيح أي نقصان لمن اتصف به، ولا نزاع في أن هذا المعنى ثابت للصفات⁣(⁣١) يدركه العقل.

  وإذا عرفت موضع الاتفاق، فاعلم أن في تحرير محل النزاع اختلافاً، وسببه عدم التأمل عند النقل للأقوال، وعدم البحث في كتب المنقول عنهم، فإنك تجد أصحابنا ربما يتداولون عبارات قد نقلها من لا معرفة له بمقاصد الخصوم على ما فهم عنهم، أو رآها لِوَاحدٍ منهم فنسبها إلى جماعتهم، فتبعه من بعده من دون نظر إلى كتب الخصوم، وربما أوجب هذا⁣(⁣٢) التساهل، وكذلك الأشعرية تراهم ينسبون إلى المعتزلة ما لا يقولون به، أوما لا يقول به إلا بعضهم، كما ينسبون إليهم كثيراً القول بوجوب الأصلح ولم يقل به إلا بعضهم كما سيأتي، ونحن نأتي في هذا الموضع بمحل النزاع، وننبه على ما قيل فيه من الأوهام فنقول:


(١) أي المعاني كالعلم والجهل، تمت مؤلف.

(٢) اسم الإشارة يعود إلى الكلام السابق وهو مفعول أوجب والتساهل فاعل أوجب تمت كاتبه غفر الله له ولوالديه.