مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الموضع الثاني: في بيان محل الخلاف

صفحة 133 - الجزء 1

  واستدل على ذلك بأن العرب عقلاء وكانوا منكرين للبعث بدليل قوله تعالى: {مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا}⁣[الجاثية: ٢٤] ونحوها.

  قال: فالعجب كله كيف يروج لفاهم أن يدعي أنه يعرف بالعقل الثواب والعقاب قبل ورود الشرع، ويجعله محل النزاع، ويلطخ به المعتزلة افتراءً ... إلى آخر ما ذكره من التشنيع.

  وللمقبلي نحوه من التشنيع ونسبة الناقلين إلى التخليط والنقل من كتب الخصوم.

  والجواب: أن التخليط وعدم التثبت إنما وقع من السيد محمد بن إسماعيل والمقبلي لعدم تحقيقهما لعلوم العترة الزكية وسائر العدلية، وأما ما ذكره الإمام القاسم وولده @ فهو الجاري على قواعد العدل، وذلك أن الثواب والعقاب يلازمان المدح والذم، ويستحقان بما يستحقان به من فعل الحسن وارتكاب القبيح، ولذا قالوا في دليل دوام الثواب والعقاب انهما نظيران للمدح والذم وهما يستحقان دائماً، فكذلك الثواب والعقاب لاتحاد جهة الاستحقاق في الكل.

  ولا أظن إلا أن السيد محمداً والمقبلي يريدان التمويه بهذه الدسيسة ليتوصلا بذلك إلى منع كون الثواب والعقاب يستحقان عقلاً، لكنها دسيسة مكشوفة فإن كتب الزيدية والمعتزلة تزيل التمويه، وتدفع التشكيك بلا كلفة، بل ذلك أشهر من نار على علم.