مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

{الم 1 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 2 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة

صفحة 1409 - الجزء 3

  قيل: جميع ما تقدم يدل على ذلك، واستحسان العقلاء توسيطه بين أوصاف المدح، فلولم يكن مدحاً لما استحسنوا ذلك؛ ألا ترى أنهم يقدحون في كلام من قال: (فلان شجاع جسم موجود كريم) ويعدونه مهجناً للكلام، مخرجاً له عن الفصاحة، ملحقاً له بأصوات ما لا يَعقل.

  واعلم أن الخصوم قد أوردوا شبهاً على ما ذكره الأصحاب من معنى الإيمان، ونحن نذكرها ونذكر جواب أصحابنا عنها تتميماً للفائدة.

  قالوا: لو كان الإيمان أداء الواجب لوجب إذا فعل الله اللطف أن يوصف فعله بأنه إيمان؛ لأنه فعل الواجب، وما يفيد اللفظ لا يختلف شاهداً وغايباً.

  والجواب: أما من لا يقول بوجوب واجب على الله تعالى فالسؤال ساقط عنه، وأما من أثبته فقد أجابوا بأن الإيمان هو أداء الطاعات واجتناب الكبائر، وواحد منهما لا يوصف بأنه إيمان؛ لأنه بعضه.

  فإن قيل: أنتم تقولون: إن الله تعالى لا يفعل القبيح، وحينئذٍ يصح وصف فعله بأنه إيمان؛ لأنه فعل الواجب ولم يفعل القبيح.

  قلنا: لا يجوز عليه تعالى اجتناب الكبائر، فإذا كان معنى اللفظ فيه محالاً فلا يجوز وصف فعله بأنه إيمان، ذكر هذا الموفق بالله # في الإحاطة.

  وأجاب الإمام المهدي # بأنا قد حكمنا بأن المؤمن هو من يستحق الثواب بفعل الواجبات، واجتناب المقبحات، والإيمان فعل الواجبات، واجتناب المقبحات على وجه الطاعة لله ورسوله،