{الم 1 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 2 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة
  قلنا: لا نسلم الاتفاق بل المعتبر القرينة، ثم إنه قد فرق الدليل.
  قالوا: كلما ذكر الله الإيمان أضافه إلى القلب كقوله: {مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ...}[المائدة: ٤١] ونحوها.
  قلنا: إنما دلت على أن القول بمجرده ليس بإيمان حتى ينضم إليه العمل والاعتقاد كما مر.
  قالوا: وردت آيات كثيرة بعطف الأعمال الصالحة على الإيمان كقوله تعالى: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا ...}[التغابن: ٩] وأقرب شاهد عليه قوله تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ٣}[البقرة] والعطف يقتضي التغاير، وإلا كان تكراراً.
  قلنا: هو في الآية الأولى حقيقة لغوية، ونحن لا نمنع استعمال المنقول في معناه الأول لقرينة، وهي هنا العطف، وأما الآية الثانية فيجوز أن يكون الإيمان فيها مستعملاً في معناه اللغوي كهذه، ويؤيده أن الرازي قد حكى الإجماع على أن الإيمان المُعدّى بالباء باق على أصل اللغة، ويجوز أن يكون من عطف الخاص على العام، أفرد الصلاة والزكاة بالذكر لفضلهما كأنهما من جنس آخر؛ لأنهما أُمَّا(١) العبادات البدنية والمالية، وهما العيار على غيرهما؛ ألا ترى كيف سمي رسول الله ÷ الصلاة عماد الدين، وجعل الفاصل بين الإسلام والكفر ترك الصلاة، وسمى الزكاة قنطرة الإسلام، وقال الله تعالى: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ ٦ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}[فصلت: ٧ - ٦] وقد ذكر أرباب المعاني أن التغاير في الوصف ينزل منزلة التغاير في الذات.
(١) أي هما أصلان للعبادات؛ لأن الأم في اللغة: الأصل. تمت مؤلف.