مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة التاسعة [الإيمان بالغيب]

صفحة 1430 - الجزء 3

  يتفكروا ويستدلوا فيؤمنوا به، فيدخل فيه العلم بالله وصفاته، والإيمان بالملائكة، والأنبياء، والعلم بالأحكام والشرائع، والبعث والحساب، والوعد والوعيد، وغير ذلك.

  قال الرازي: فإن في تحصيل هذه العلوم بالاستدلال مشقة فيصلح أن يكون سبباً لاستحقاق الثناء العظيم.

  قلت: وقد دخل في هذا كثير مما ذكره المفسرون في الأقوال السابقة. قال القاسم بن إبراهيم #: واليقين بالغيب فإنما يكون بما يدركه الفكر لا بما تدركه العيون، فمن لم يفكر بقلبه فيما غاب عنه لم يوقن أبداً بشيء منه، والآية في كل ما كانت من الأشياء فيه، فهي الدلالة البينة المستدل بها عليه، ومن استدل بآيات الله على ما غاب صح يقينه وإن لم يره ولم تبصره عينه، وكان أصح عنده صحة، وأوضح له ضحة⁣(⁣١) من كل وضيح من الأمور كلها فاستنار، وأيقن به كما يوقن بالليل والنهار، بل كان أصح عنده في الإيقان، من كل ما أدركه برؤية وعيان، لفضل درك اليقين، على درك الرؤية والعين، ومن لم يفكر لم يوقن ولم يبصر، وإنما يوقن من فكر، ويبصر من نظر، كما قال الله سبحانه: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا}⁣[الأعراف: ١٨٤] {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا}⁣[الأعراف: ١٨٥] {أَوَلَمْ يَرَوْا}⁣[الرعد: ٤١] تنبيهاً من الله بذلك كله لهم على أن يوقنوا فلا يمتروا فيما عرفهم الله سبحانه من نفسه بآياته، ودلهم على معرفته من غيب أموره بدلالاته، فليس يوصل إلى معرفته، واليقين به، وما احتجب عن العباد من غيبه إلا بما جعل الله من الدلالات،


(١) أي وضوحاً، تمت مؤلف.