{الم 1 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 2 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة
  وأبان من الآيات، كما قال سبحانه: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ٥٣ أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ ٥٤}[فصلت].
  وقال # في مدحة الله سبحانه للأبرار، لما آمنوا به مما غاب عن الأبصار، واستدلوا عليها بالنظر والأفكار، من غيب المعرفة بالله سبحانه وإيقانه، وما لا يدرك أبداً من الله برؤيته جهرة ولا عيانه، ولا ما يصاب فيه أبداً حقيقة العلم واليقين، إلا بما جعل الله عليه من الشواهد والدليل المبين، الذي هو أحق حقيقة، وأوثق وثيقة، وأثبت يقيناً، وأنور تبييناً، من كل معاينة كانت أو تكون أو رؤية، أو درك حاسة ضعيفة أو قوية ما يقول الله سبحانه: {الم ١ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ٢ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}[البقرة: ١ - ٣] تبرية من الله لهم فيما غاب عنهم في جميع أموره من كل شك وريب.
  وقال في البحر المحيط: الغيب متعلق بما أخبر به الرسول ÷ من تفسير الإيمان حين سئل عنه، وهو الله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.
  فإن قيل: لو كان المراد بالغيب الأشياء الغائبة كما ذكرتم لكان قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ ...}[البقرة: ٤] الآية تكراراً.
  قلنا: قوله تعالى: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}[البقرة: ٣] يتناول الإيمان بالغائبات على الإجمال، وقوله: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}[البقرة: ٤] يتناول بعضها فكان من عطف التفصيل على الجملة، وهو جائز كما