{الم 1 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 2 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة
  وعن أنس قال: قال رسول الله ÷: «ليتني قد لقيت إخواني» فقال له رجل من أصحابه: أولسنا إخوانك؟ قال: «بلى أنتم أصحابي، وإخواني قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني، ثم قرأ: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ}[البقرة: ٣]» وقيل: في إسناده أبو هدبة وهو كذاب.
  قلت: للحديث شواهد ذكرها في الدر المنثور، وروي أن أصحاب ابن مسعود ¥ ذكروا أصحاب رسول الله ÷ وإيمانهم، فقال ابن مسعود: إن أمر محمد كان بيناً لمن رآه، والذي لا إله غيره ما آمن مؤمن أفضل من إيمان بغيب، ثم قرأ هذه الآية. وقيل: المراد بالغيب القلب؛ لأنه مستور والمعنى يؤمنون بقلوبهم لا كالذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم.
  قلت: ويجوز أن يراد به ماغاب عنا من سلطان الله وملكوته، كما قال علي #: (سبحانك ما أعظم ما نرى من خلقك، وما أصغر عِظَمهِ في جنب قدرتك، وما أهول ما نرى من ملكوتك، وما أحقر ذلك فيما غاب عنا من سلطانك)، وقال #: (وما الذي نرى من خلقك، ونعجب له من قدرتك، ونصفه من عظيم سلطانك؟ وما يغيب عنا منه، وقصرت أبصارنا عنه، وانتهت عقولنا دونه، وحالت ستور الغيب بيننا وبينه أعظم). ويجوز أن يكون الغيب ما جهلنا تفسيره من صفات الباري التي لم يدلنا عليها القرآن، كما قال علي #: (واعلم أن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب، الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ...) إلى آخره، وقد مر.