{الم 1 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 2 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة
  قلت: سيأتي في الأبحاث ما يتبين به الحق في هذا. وقيل: إن التصدق بجميع المال يختلف باختلاف الأحوال، فمن كان قوياً على ذلك يعلم من نفسه الصبر لم يمنع، وعليه يتنزل ما روي أن الحسن بن علي # خرج من ماله مرتين، ولقوله تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: ٩] ومن لم يكن كذلك فلا؛ لما مر. ويمكن أن يقال: ظاهر أدلة المنع الإطلاق، وما روي عن الحسن بن علي فهو من أخبار الآحاد التي لا تصلح لمعارضة ما تقدم حتى يحتاج إلى الجمع بينها، مع ما فيه من احتمال المبالغة وتوهم الراوي، واحتمال كون ذلك فيما عدا الأراضي ونحوها من المستغلات، وأما آية الإيثار فمحمولة على الوجبة والوجبتين، كما في حديث ابن عمر وأبي هريرة، مع أن الذي في كتب التفسير المعتمدة أنها نزلت مدحاً للأنصار لما آثروا المهاجرين بالغنيمة.
  قال في (مفاتيح الغيب): والصحيح أنها نزلت بسبب إيثارهم المهاجرين بالفيء. ويتعلق بهذه الجملة ثلاثة مباحث:
  (البحث الأول): دلت الآية الكريمة وما طابقها على أنه لا ينبغي للإنسان أن يهب ماله كله؛ لأنه تعالى أمر بإنفاق بعض المال ومدح عليه، ونهى عن بسط اليد كل البسط وحذر منه، واختلفوا فيما إذا وهب جميع ماله هل ينفذ أم لا؟ فقال الهادي # في المنتخب وهو ظاهر قول القاسم بن إبراهيم ومحمد بن منصور: لا يجوز للرجل أن يهب في دفعة واحدة أكثر من ثلث ماله.