{الم 1 ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين 2 الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون 3 والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة
  وفي الجامع الكافي: قال محمد: فإذا جعل الرجل ماله صدقة لمسكين يريد به وجه الله على جهة القربة والشكر، فقد بلغنا عن النبي ÷ أنه قال لأبي لبابة في مثل هذا: «تصدق بثلث مالك» ولم يأذن له النبي ÷ أن يتصدق بماله كله ويدع نفسه وعياله عالة على الناس.
  وقال علي #: (كن سمحاً ولا تكن مبذراً، وكن مقدراً ولا تكن مقتراً).
  وقال # في وصيته للحسن: (وحفظ ما في يديك أحب لي مما في يدي غيرك).
  قال العلامة ابن أبي الحديد: ليس مراد أمير المؤمنين # وصايته بالإمساك والبخل، بل نهيه عن التفريط والتبذير، قال الله تعالى: {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ٢٩}[الإسراء] وأحمق الناس من أضاع ماله اتكالاً على مال الناس، وظناً أنه يقدر على الاستخلاف، قال الشاعر:
  إذا حدثتك النفس أنك قادر ... على ما حوت أيدي الرجال فكَذَّبِ
  وما أحسن قول أمير المؤمنين لولده الحسن #: (ومن الفساد إضاعة الزاد).
  إذا عرفت هذا فقد دلت الآية، وما في معناها من الأخبار والآثار على أنه يشرع لمن أراد التصدق بجميع ماله أن يمسك بعضه. قيل: ولا يلزم من ذلك أنه لو نجزه لم ينفذ.