مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الموضع الثالث: في ذكر حجج العدلية وما يرد عليها ورده وذكر شيء مما اختلفوا فيه

صفحة 140 - الجزء 1

  منا ومنهم على أن موردها العقل ومستندها الضرورة كما ذكره المحققون من متأخريهم، وأنت إذا تحققت هذا منا ومنهم عرفت أن الخلاف بيننا وبينهم في هذه القضايا يقرب أن يكون لفظياً.

  وقال الأمير الحسين #: (إن العقلاء يعلمون بعقولهم التفرقة بين من قطع يده لا لغرض، وبين من قطعها من خوف أن تسري إليها الجراحة فيؤدي إلى هلاكه، ويفرقون بين الفعلين فرقاً ظاهراً حاصلاً بفطرة العقل، ويعلمون أنه ممدوح على قطع يده لغرض، وغير ممدوح بل مذموم على قطعها لغير غرض مع اشتراك الفعلين في نفور النفس والإلف والعادة، وليس ذلك إلا لعلمهم بالقبح في أحدهما دون الآخر، وهذا أمر لا يمكن دفعه، ولا يرده إلا مكابر).

  وقال السيد أحمد بن محمد الشرفي |: (وأما من زعم أن هذه القضايا يستند العلم بها إلى الشهرة والإلف والعادة، فنقول: إن أردتم أنها مستفيضة فيما بين العقلاء، وأن أحداً لا ينكرها، فهذا معنى قولنا أنها ضرورية، وإن أردتم أنها ليست علوماً حقيقة وأنهم ليسوا على ثقة منها، فهو باطل؛ لأنا نقطع بقبح الظلم والعبث، والكذب، والسفه، والجهل، وبوجوب القضاء والرد، وشكر النعمة، وحسن التفضل، والإحسان، والجود كما نقطع بسائر العلوم البديهية، كالعلم بأن العشرة أكثر من الخمسة، ونعلم أن من خالفنا في هذه القضايا أنه يعرف بضرورة عقله الفرق بين من أحسن إليه وبين من أساء، وبين الظلم والجور، والإهانة والعدل، ومن أنكر ذلك فهو مكابر منكر للضرورة يلحق بالسوفسطائية).