مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة: في التحسين والتقبيح العقليين

صفحة 141 - الجزء 1

  وقال العلامة المقبلي بعد أن ذكر أن استحقاق المدح على العدل والإحسان، والذم على الظلم والعدوان ضروري، وأن المنازع مباهت ما لفظه: (أما من دفع هذه الضرورة وقال لا نفرق بين تعذيب زيد بأنواع العذاب والتلاعب به بأشنع ما يستهجنه أولوا الألباب، وبين إكرامه بأنواع النعم ومرافق الارتفاق، بل بين سب الله بعد معرفته بصفات الكمال وجلائل النعم، وبين حمده وشكره على ذلك الجود والكرم).

  وقال: (إنما الفرق بين هذه الأشياء ونحوها بميل الطبع، ومرون الإنسان عليها للتعارف عليها، أو للتأديبات الشرعية أو غير ذلك).

  فالجواب عن هذا أنا نفرق بين تلك الأمور التي ذكرتم، وبين كون الفعل يترتب عليه حسن المدح والذم، فأنتم قد سلمتم لنا هذا الفرق، وسميتم ما سميناه تحسيناً وتقبيحاً كمالاً ونقصاً.

  وأما إنكاركم بعد هذا الإقرار وقضاؤكم بأن المدح والذم لا ينشئان عن فعل البتة، وإنما يمدح على الشيء ويذم لأن الشارع أمرنا بذلك، وما بين ذلك الفعل والمدح الذي رتبه عليه الشارع بالنظر إلى ذاتيهما إلا ما بين الضب والنون، ولم يكن أمره أيضاً المرجح، بل محض الاختيار، ولو عكس وأمر بالعكوف على سبه وكفران نعمته وعبادة الشيطان، وأوجب الكفر وحرم الإيمان، وقال أنا أحق باللعن والشيطان أحق بالعبادة - تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً - لكان ذلك عندكم كنقيضه⁣(⁣١) لا فرق بينهما، فلعمري ما أنتم أحقاء بعد ذلك


(١) الذي هو شكر النعمة ووجوب الإيمان وعبادة الرحمن ولعن الشيطان. تمت مؤلف.