المسألة الأولى [في ألفاظ العموم ودلالتها]
  إذ لا نزاع في أن الخطاب بالعام الذي أريد به الخصوص مع نصب القرينة جائز، ولا يكون قدحاً في الدلالة.
  الثاني: إنا لا نسلم أن تأخير التخصيص عن وقت الخطاب جائز، سيما في الأخبار؛ لما في ذلك من التلبيس والإغراء بالقبيح؛ إذ السامع إذا أُخبِرَ بعموم اعتقد شموله، فيكون إغراء بالجهل فيقبح.
  فإن قيل: المخاطب بالعام ممنوع عن اعتقاد شموله حتى يبحث عن المخصص فلا يجده.
  قيل: هذا مسلم بعد شيوع ذلك ووقوعه، ولكنا لا نسلم منع التلبيس عند وقوع أول فرد، وعند الجاهل لذلك، والتكليف في حق الجميع على سواء، وتخصيص البعض دون البعض يمنع الاعتقاد بحكم؛ نعم، لا يمنع القول بهذا في الفرعيات؛ لكثرة المخصص فيها وشيوعه، وهي غير محل النزاع.
  الثالث: أنه قد حكى ابن بهران وغيره الإجماع على أنه لا يجوز ولا يقع من الباري تعالى ومن الرسول ÷ تأخير البيان للمجمل، ولا التخصيص للعام عن وقت الحاجة؛ لما في ذلك من التكليف بما لا يعلم، وهو قبيح لا يجوز من الباري تعالى.
  قلت: لعله أراد إجماع من يعتد به؛ إذ خلاف بعض أهل الجبر مشهور، فإنهم يجوزون تكليف ما لا يعلم، فيجوز عندهم ذلك، وهم الذين قصدهم الرازي بقوله: عند من يجوز تأخير بيان التخصيص عن وقت الخطاب.