مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية [في الكفر]

صفحة 1481 - الجزء 3

  هو الدليل القطعي، ولأن اعتقاد كفر الغير لا يجوز إلا إذا كان ذلك الاعتقاد علماً؛ لاستلزامه المعاداة، والذم والقطع بالخلود في النار إذا لم يتب، وجميع ذلك لا يجوز إلا بقاطع إجماعاً؛ ولقوله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}⁣[يونس: ٣٦]. {إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}⁣[الحجرات: ١٢].

  قال النجري: فإن قيل: من قامت شهادة على كفره، أو كان مقيماً في دار الكفر غير مميز نفسه بعلامة فإنه يحكم بكفره، ويجب اعتقاد كونه كافراً، والمعلوم أن الشهادة والإقامة لا يفيدان إلا الظن، فكيف جاز الإكفار من غير دليل قطعي؟

  قلنا: لا نسلم عدم الدليل، بل قام الدليل وهو الإجماع على أنه يجب الإكفار عند الشهادة والإقامة المذكورين، فالإكفار عندهما لم يكن إلا عن قاطع، لكن لا يجوز اعتقاد كونه كافراً في نفس الأمر، بل بالنسبة إلينا، وفي ظاهر الشرع، ومن ثم قيل: لا يجوز لعنه إلا مشروطاً، كما إذا قامت شهادة على إسلامه، أو كان ظاهره ذلك فإنه يجب إجراء أحكام المؤمنين عليه، واعتقاد أنه مؤمن في الظاهر فقط لا في نفس الأمر.

  قلت: ويدل على هذا قوله ÷: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها حقنوا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله».

  فإن قيل: فما تفاصيل ذلك القاطع الذي قد قررتم أنه لا يصح التكفير إلا به؟