قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  قلت: أراد # أن إثبات اسم الكافر بالقياس جائز؛ لأنه شرعي، وليس النزاع إلا في إثبات الأسماء اللغوية به. قالوا: يلزم إثبات مقادير العقاب بالقياس وهي لا تثبت قياساً.
  وأجاب الموفق بالله # بأن هذا تحكم ودعوى، بل لا تثبت مقاديره إلا بالقياس، وإذا جاز القياس في إثبات الصانع وكونه عدلاً، فَلَأَن يجوز في إثبات مقادير العقاب الذي يستند ثبوته إليه أولى.
  قلت: وفي قوله: بل لا تثبت مقاديره إلا بالقياس - نظر، اللهم إلا أن يريد ما ذكره بعضهم من أنه لا طريق إلى إثبات الصانع إلا القياس العقلي، وثبوت مقاليد الثواب والعقاب متوقف على إثبات الصانع، فيصح الإطلاق بأنها لا تثبت إلا قياساً بهذا الاعتبار. والله أعلم.
  ومن أدلة أصحابنا أنا إذا علمنا أنه يستحق هذا المقدار من العقاب أجري عليه اسم الكافر والفاسق؛ للإجماع الحاصل على أن المستحق لهذا القدر من العقاب كافر أو فاسق. ذكره في الإحاطة.
  إذا عرفت هذا فاعلم أنه قد تقدم أنه لا يجوز التكفير والتفسيق إلا بقاطع، وقد جعل أصحابنا من الدليل القاطع القياس الثابت بعلة مستنبطة بطريقة السبر والتقسيم، وقد أطلعناك على عيون أدلتهم على ذلك، وأنت إذا أمعنت النظر وأرجعت البصر تجد بينها وبين إفادة القطع مراحل، كيف وقد قال بعض المحققين: إن في كون هذه الطريق تفيد ظن العلية نظر، ولم يعده صاحب التنقيح طريقاً،