قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  وقال السيد (م) بالله أحمد بن الحسين، والإمام يحيى بن حمزة #، وأبو القاسم البستي، وأبو رشيد: بل يجوز كفر لا دليل عليه، ولهم على ذلك دليلان:
  أحدهما: أن الأحكام التي تعبدنا بها في حق الكافر والفاسق لا يلزمنا إلا حيث نعلم الفعل كفراً أو فسقاً، وإذا كان كذلك جاز ثبوت كفر لا دليل عليه، فيجوز أن يكون في العاصين من عقابه عقاب الكافر لأجل معصية فعلها وهي كفر، لكن ذلك الكفر لا مصلحة لنا في إجراء أحكام الكفر عليه، كما يجوز أن يبطن المسلم في الظاهر الكفر فيجري عليه في الدنيا حكم المسلمين، وله في الآخرة حكم الكفار.
  وإذا ثبت هذا ثبت أنه لا يجب على الله أن يدلنا على كل كفر وفسق؛ إذ لا مصلحة لنا متعلقة بما لا نعلمه كفراً أو فسقاً، ولا طريق إلى أن المصالح في تلك الأحكام ثابتة في كل كفر وفسق.
  والجواب: أن هذا الدليل قد دخل فيما تقدم من الأسئلة الواردة على دليل الجمهور، فخذ جوابه من هنالك، والمعتمد في جوابه أن التعبد ورد بإجراء تلك الأحكام في كل أنواع الكفر، فلو جوزنا كفراً لا دليل عليه للزم التكليف بما لا يعلم.
  الدليل الثاني: قالوا: قد ثبت فسق لا دليل عليه، فيجب في الكفر مثله؛ إذ قد تعبدنا في الفساق بأحكام كالذم، واللعن، ووجوب التبري منهم، ورد الشهادة.