قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  الثالثة: أنه لا يجوز من الله تعالى أن يعلم أن لنا لطفاً في فعل ولا يأمرنا به، ويعلمنا بوجوبه.
  قلت: قد تقررت هذه القاعدة فيما تقدم بما لا مزيد عليه، وهي مبنية على القول بوجوب اللطف على الله تعالى، ومن لا يوجبه فإنه يقول: قد تقرر أن الخطاب بإجراء تلك الأحكام عام لجميع أنواع الكفر فلو لم ينصب لنا على كل نوع دليلاً لكان تكليفاً بما لا يعلم.
  قال الإمام المهدي #: فإذا تقررت هذه القواعد أمكنهم القطع حينئذٍ على أنه لا يجوز أن يكون في المعاصي ما هو كفر ولا يعلمنا الله تعالى أنه كفر. وإذا ثبت أنه لا يجوز كفر لا دليل عليه فاعلم أن الفسق يخالفه في ذلك.
  قال الإمام المهدي #: اتفق شيوخ المعتزلة مثبت كفر التأويل ونافيه على أنه يجوز فسق لا دليل عليه في الخارج، كما يجوز في المعاصي المحتملة أن تكون فسقاً، وأن تكون صغائر، ولا سبيل إلى العلم بأحدهما أصلاً، وإنما يعلم كونها معصية، وإلا لتعينت الصغائر؛ لأنه إذا كان كل فسق فعلية قطعنا أن ما لا دليل عليه فليس واله أعلم بمن يفسق، وما قطعنا أنه ليس بفسق فهو صغير، وتعيين الصغائر قبيح؛ إذ هو إغراء بها، والإغراء بالقبيح قبيح لا يجوز من الله، وهذا يستلزم القطع بجواز فسق لا دليل عليه.
  قال الإمام المهدي #: وهو موضع اتفاق، وإنما اختلفوا في الكفر فالمانعون من كفر لا دليل عليه قد تقدم ذكرهم، وبيان حججهم