قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  إلى غيرها، وذلك داخل تحت مقدوره لا استحالة فيه كما مر؛ فبطل بذلك ما زخرفه والحمد لله.
  الوجه الرابع: أن تكليفهم بالعلم بأنهم كفار باطل لحصوله عندهم بسبب كفرهم فإنهم يعلمون بأنهم جاحدون لما جاء به النبي ÷، وإذا كان حاصلاً فتكليفهم به عبث لا فائدة فيه؛ إذ هو أمر بتحصيل الحاصل، وهو محال، والحكيم لا يأمر بالمحال؛ لأنه ينافي الحكمة، والآية إنما وردت للإخبار بحالهم التي كانوا عليها من التمادي في الكفر والإصرار عليه، والتكليف إنما هو بالإيمان الذي يخرجون به من ذلك الكفر الذي أخبرهم به هم وغيرهم. والله أعلم.
  الطريقة الخامسة: أن الله تعالى أخبر عن الكفار بأنهم يحاولون فعل شيء على خلاف ما أخبر الله عنه، وعابهم على ذلك في قوله تعالى: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا}[الرحمن: ٣٣] فثبت أن القصد إلى تكوين ما أخبر الله تعالى عن عدم تكوينه قصد لتبديل كلام الله تعالى، وذلك منهي عنه.
  ثم هاهنا أخبر بأنهم لا يؤمنون البتة فمحاولة الإيمان منهم تكون قصداً إلى تبديل كلام الله، وذلك منهي عنه، وترك محاولة الإيمان تكون أيضاً مخالفة لأمر الله تعالى، فيكون الذم حاصلاً على الفعل والترك.
  والجواب: أن الآية واردة فيمن حاول تغيير حكم الله ورده، وهو جعله غنائم خيبر لأهل الحديبية خاصة، وسياق الآية يدل على ذلك كما نوضحه في محله إن شاء الله.