مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في مسألة تكليف ما لا يطاق]

صفحة 1525 - الجزء 3

  إلى الكتاب والسنة الصحيحة أولى، بل هو الواجب، وأنت لا تجد في الكتاب الكريم والسنة الشريفة دليلاً صريحاً على أن علم الله تعالى يؤثر في المعلوم، أو يرفع القدرة، أو يدفع الإمكان، وقد أورد الرازي حديثين في هذا الموضع يؤيد بهما مذهبه:

  أحدهما: ما روي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ÷ وهو الصادق المصدوق: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الله إليه ملكاً فينفخ فيه الروح فيؤمر بأربع كلمات: فيكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي، أو سعيد، فو الله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها».

  قلت: ولعل وجه دلالته على تكليف ما لا يطاق أن الله قد كلف المكلفين بالتكاليف مع أنه لا يتخلف المقضي عليهم به في الكتاب.

  قال بعض شراح هذا الحديث: وفي الحديث أن الذي سبق في علم الله لا يتغير ولا يتبدل، وإن الذي يجوز عليه التغيير والتبديل ما يبدو للناس من عمل العامل، ولا يبعد أن يتعلق ذلك بما في علم الحفظة والموكلين بالآدمي، فيقع فيه المحو والإثبات كالزيادة في العمر والنقص منه، وأما ما في علم الله فلا يتغير ولا يتبدل.