قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  قلت: وهذا الحديث قد أورده فقيه الخارقة(١) في مسألة القضاء والقدر، وأجاب عنه الإمام المنصور بالله(٢) #، ونحن نذكر جوابه # لأنه مبني على فرض صحة الحديث، وإن كان عمرو بن عبيد قد نفى صحته لمخالفته الأصول الصحيحة، فنقول: قد جعل المنصور بالله # الكلام على الحديث في موضعين:
  قال #: أحدهما: ما ذكره ÷ من ترتيب الخلقة وذكر أوقاتها، وهذا كلام حق، وقول صدق لا يخالف فيه مسلم، وإن وقع النزاع من الطبائعية في إضافة ذلك إلى تركيب الأرحام، وطبائع الأجسام وقوالبها، وخروج النطفة من الحي من سائر أطرافِهِ مشاكلة لمن خرجت منه، أو من تراكيب الأغذية والأهوية، وغير ذلك من الأقاويل الباطلة التي خالفت العقل والسمع.
  الموضع الثاني: في إرسال الله تعالى الملك فينفخ فيه الروح، وهذا صحيح عند من عرف عدل الله وحكمته، وعلم أن مصلحة الملائكة $ وتكليفهم العلم بما فعله سبحانه على ذلك الوجه الذي وقع عليه من ترتيب وتدريج، فأما على مذهب الجبرية فإن اعتقادهم بأن كل قبيح، وكذب، وعبث وزور ففعله تعالى وإحداثه وحده لا شريك له، فلا تتم لهم الكلمة بحكمته تعالى، فيقال لهم: ما الوجه
(١) فقيه الخارقة هو عبد الرحمن بن أبي القبائل.
(٢) عبد الله بن حمزة بن سليمان بن حمزة، ينتهي نسبه إلى الحافظ عبد الله بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم #، وهو من أشهر أئمة الزيدية، له العديد من المؤلفات، من أهمها: (الشافي) يقع في أربعة أجزاء، وشرح (الرسالة الناصحة) وغيرها من المؤلفات، وقد كتبت في سيرته رسالة مختصرة بعنوان (الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة حياته وآثاره).