مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1536 - الجزء 3

  إلا كما لو زجرت المتردي وهو في الهواء عن السقوط، ولمته وتوعدته.

  وأما قوله: وأما آدم فميت إلخ فيلزمه أن تكون الحجة للأموات من سائر العصاة على من أراد عقابهم أو ذمهم؛ إذ لا فارق بينهم وبين آدم، ويلزمه أن يكون عاصياً بأذيته لآدم، فإن قال: لا معصية في غير دار التكليف لزمه أن يكون جاهلاً؛ لأنه جهل عدم الفائدة في التوبيخ سوى الأذية، ويلزم أيضاً تجهيل آدم #، لأنه ما اهتدى إلى ما اهتدى إليه النووي من عدم الفائدة والنهي عن الأذية، بل اعتذر بالقدر.

  واعلم أن بعض المعتزلة قد تأول الخبر على أحد ثلاثة وجوه:

  أحدها: أن النبي ÷ حكى ذلك عن اليهود فتوهم الراوي أنه حكاه عن نفسه.

  الثاني: أن آدم المفعول وموسى الفاعل، وهذا يدل على أن ما أتى به آدم ليس بحجة؛ وهذا ضعيف؛ لأنه يلزم منه تجهيل آدم #.

  الثالث: أنه ليس المراد من المناظرة الذم ولا الاعتذار بعلم الله، وإنما سأله عن السبب الذي حمله على الزلة حتى خرج من الجنة، فأجاب بأن الزلة ليست سبب الخروج من الجنة، وإن السبب أن الله قد كان كتب علي الخروج من الجنة إلى الدنيا، وأكون خليفة فيها، وهذا المعنى كان مكتوباً في التوراة، وحينئذٍ صارت حجة آدم قوية.

  قلت: ويدل على هذه قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}⁣[البقرة: ٣٠]. والله أعلم.