مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في مسألة تكليف ما لا يطاق]

صفحة 1538 - الجزء 3

  فإن قيل: إنكم إذا قلتم بوجوب الإمساك فلا يخلو إما أن يكون قصدكم أن أحد الطرفين حق، لكن لا يتلفظ به، فهذا لا ينفعكم، وإما أن تريدوا أن الطرفين كليهما باطلان خرجتم عن القسمة الدائرة بين النفي والإثبات، والخروج عنها محال، فلا يستقيم جوابكم.

  قيل: ليس المحال إلا إثبات قسم ثالث بين النفي والإثبات، وأما الامتناع عن الجواب فليس بمحال، وليس الامتناع لأجل أن ثم قسماً ثالثاً، بل لأن السؤال ورد عن حكم المتفرع على أمر مقدر، والإجابة عليه تستلزم أحد محالين، ولما كان ذلك المقدر غير محقق ولا واقع، لم يلزمنا الإجابة عليه؛ إذ إجابة ما لا ثبوت له إذا أدت إلى المحال حسن الامتناع منها، ولأن تكلف الجواب عن مثل ذلك من المنهي عنه، وقد تقدم ما يدل على ذلك من قول علي #، وليس الامتناع حكماً بأمر غير النفي والإثبات، بل هو بيان أن الإجابة عن فرع الأمر المقدر الذي لا ثبوت له تستلزم محالاً. والله أعلم.

  وقد أورد الإمام المهدي # إشكالاً على مذهب البهشمية، هذا وأجاب عنه، وحاصله: أنكم إذا لم تجعلوا وقوع ما علم أنه لا يقع مستحيلا، فقد جعلتم ما يدل على جهله سبحانه وتعالى ممكناً، ويلزم منه أن يكون جهله ممكناً وذلك ينقض الأصل المقرر، وهو أنه عالم لذاته.

  والجواب: أنه لا يلزم ذلك؛ لأن العلم بالإمكان لا ينفك عن العلم بأن ذلك الممكن لا يقع أبداً وإن كان يصح وقوعه من جهة القدرة،