مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1553 - الجزء 3

  ولنعد إلى تمام الوجوه التي ذكرها العدلية في جوابهم، فنقول:

  الوجه الثاني: أن الرازي بني تفسير بعض أصحابه للختم بخلق الكفر على أصل فاسد، وهو أن القدرة موجبة للمقدور، وبيان فساده من وجهين:

  أحدهما: أن القدرة توجد ولا يوجد الفعل، ولو كانت موجبة لما تخلف ما توجبه عنها.

  الثاني: أن كل عاقل يعلم ثبوت الاختيار للفاعل المختار في أفعاله وتروكه، فما شاء فعل وما شاء ترك، وذلك معلوم ضرورة والإيجاب ينافيهن، وكلما نافي الضرورة وحكم بخلاف ما حكمت به فهو باطل قطعاً.

  الوجه الثالث: أن الرازي بنى مسألة الداعي والمرجح⁣(⁣١) على قاعدة قد أقر بأنها منهارة البنيان، متضعضعة الأركان، وأنها لو استقامت للزم قدم العالم، وذلك أنه قال في الجواب على شبهة الفلاسفة: إن الفاعل لا يفتقر إلى المرجح في إيجاد أحد المستويين عنده وصرح بذلك، وأنه يصح من الجائع أن يبتدئ بأي جوانب الرغيف لا لمرجح، وكذلك الملجأ إلى الهرب يسلك أحد الطريقين المستويين لمرجح، واحتج لذلك، وادعى أنا نعلم ضرورة أن شديد الجوع


(١) اعلم أنه قد تقدم في المقدمة تحقيق مفيد في رد الاستدلال في مسألة الداعي والمرجح مبسوطاً في مسألة التحسين والتقبيح، وجعلنا الكلام فيه في ثلاثة مقامات:

الأول: في الخلاف في احتياج الفعل إلى مرجح.

الثاني: في أن القول بالمرجح لا يوجب الجبر.

الثالث: في المرجح ما هو. وهو بحث نفيس وقد كنّا وضعنا هذا قبله، لكن فيما هناك زيادة تحقيق وتوضيح. تمت. مؤلف.