مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1557 - الجزء 3

  يكن هذا محذوراً فأي محذور سواه، وقد قال العضد: إن القول به كفر، وقال بعض المحققين من أهل حواشي شرح المختصر: الحق أن القول يتحقق بشوب من الإيجاب في حقه تعالى مما لا يجري عليه المؤمن، بل لا يبعد أن يقال: إنه كفر.

  وقال في نجاح الطالب: إن القوم - يعني الأشعرية - معطلون لمعنى الاختيار في الباري تعالى وفي المخلوق.

  أما في الباري تعالى، فلأن المرجح قديم كما ذكره العضد وغيره، مع قولهم: يجب الفعل عند حصول المرجح دفعاً للتسلسل، فصار مضطراً - أي ليس له أن لا يفعل - فلا يكون مختاراً، وأَما في حق العبد فلأن الاختيار بزعمهم مخلوق فيصير العبد عند خلقه مضطراً؛ إذ يوجد الله فيه الفعل، وليس له دفعه، فقد عاد الوجود كله إلى الإيجاب والاضطرار وهو الفلسفة المحضة.

  قلت: لعل هذا على سبيل الإلزام لهم، وإلا فهم لا سيما المحققين منهم لا ينفون الاختيار في أفعال الباري تعالى، وسيأتي أنهم إنما أوردوا هذا إلزاماً للمعتزلة، وإلا فهم يقولون بصحة صدور الفعل لا لمرجح، لكنا قد جرينا في إبطال ما أوردوه على ظاهر إيرادهم، سواء أوردوه إلزاماً أم التزاماً، وقد قال ابن القيم: يكفي في بطلان هذا الدليل أنه يستلزم كون الرب غير مختار.

  ثالثها: أنهم إنما أوردوه ليبطلوا به مسألة التحسين والتقبيح العقلي، ورده أصحابنا، بل وبعض محققيهم كابن القيم بأنه لو صح الدليل