قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  في المرجحات، كما في فعل العبد إذا كان مرجحه صادراً عنه، إذ لا بد أن يكون الصادر عنه حادثاً محتاجاً إلى محدث آخر، فالمقدمة القائلة بأن مرجح الفعل إذا كان صادراً عن فاعله لزم التسلسل غير صادقة في حقه تعالى، بل في حق العبد.
  قيل: هذا بناء على أصل فاسد، وهو أن إرادته تعالى من صفات الذات، وأنها معنى قديم، كما قالوا في القدرة والعلم، وسيأتي بطلانه في محله، وعندنا أن إرادته تعالى من جملة أفعاله، إلا أن أصحابنا اختلفوا، فقال بعضهم: هي نفس المراد، وقال بعضهم: بل هي غيره، مع اتفاقهم على حدوثها، وببطلان الأصل يبطل ما يتفرع عليه.
  سلّمنا، فنقول: ذلك المرجح القديم إن وجب معه الفعل انتفى الاختيار، وإلا جاز أن يصدر منه الفعل تارة، ولا يصدر أخرى، فيكون اتفاقياً كما مر، وهذا جواب لا مخلص لهم منه إلا بنفي الاختيار للباري تعالى، أو بالرجوع إلى الحق في معنى الإرادة، وقد التزم بعضهم نفي الاختيار في أفعاله تعالى حيث قال في جواب هذا الإلزام: لنا أن نختار الوجوب ولا محذور؛ لأن المرجح إرادته المستندة إلى ذاته، بخلاف إرادة العبد فإنها مستندة إلى غيره، فإذا كانت موجبة لزم الجبر منه قطعاً.
  قلت: كيف تقول: لا محذور وقد التزمت نفي اختيار الباري، فإذا لم