مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1559 - الجزء 3

  إلزامية بالنسبة إلى المعتزلة القائلين بأن قدرة العبد لا تؤثر في فعل إلا إذا انضم إليه مرجح يسمونه الداعي، ونحن لا نقول بها، فإن الترجيح بمجرد الاختيار المعلق بأحد طرفي الفعل لا لداع عندنا جائز.

  ولا يخرج ذلك الفعل عن كونه اختيارياً كما تقدم في مسألة الهارب من السبع والعطشان الواجد للقدحين المتساويين.

  قال: وإذا لم نقل بهذه المقدمة لم يرد علينا النقض بفعل الله تعالى.

  وفي حواشي شرح الغاية عن المواقف ما حاصله: إن الأصل عند الأشعرية أن الفعل لا يحتاج إلى الداعي، وأن الترجيح للفعل أو الترك يقع بلا مرجح، فلا يلزمهم ما ذكر هنا من تطرق الإيجاب إلى فعل الله، وإنما لزمهم لما اعترفوا بلزوم المرجح ليتم لهم إلزام المعتزلة بالجبر.

  فانظر كيف اعترفوا ببطلان صدر أدلتهم، وأنهم لا يقولون به، وإنما أوردوه إلزاماً للمعتزلة؛ وإذا لم يقولوا به فما بالهم ركبوا الاستدلال على صحته، وادعوا العلم الضروري على امتناع وقوع الممكن من دون مرجح، والحال أنهم يعتقدون خلاف ما اقتضته الضرورة، ولعمري إن هذا يكشف عن سوء اعتقادهم، وخبث سرائرهم، وأنهم لا يبالون بما ارتكبوا في تقويم مذهبهم، ورد خصومهم فالله المستعان.

  وأما المعتزلة فهم لا يقولون بما حكوه عنهم، وإنما قال ذلك منهم أبو الحسين البصري، وقد عاب عليه الرازي، وألزمه القول بالجبر حيث قال: وأنا شديد العجب من أبي الحسين، وغلوه في الاعتزال