مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1560 - الجزء 3

  مع غلوه في الجبر، فإنه ذهب إلى أن العباد محدثون لأفعالهم ضرورة، مع قوله: بأن الداعي موجب للفعل، ولا يفعل إلا لداع، والداعي ضروري من جهة الله تعالى.

  وإذا كان كذلك فالفعل من جهة الله تعالى؛ لأنه فعل ما يوجبه.

  قال: وعندي أنه يذهب إلى الجبر لكنه يتستر من أصحابه. ورد عليه الإمام المهدي #، فقال: الأقرب أن أبا الحسين إنما يجعل الداعي موجباً وجوب استمرار عادي، لا وجوب توليد.

  كما أن المعتزلة كافة يقولون: إذا توفرت الدواعي، وانتفت الصوارف، والموانع وجب الفعل، ولا يعنون بالوجوب استحالة أن لا يفعل، بل إنه يصير ملجأ إلى الفعل، وقد علمنا أن الملجأ إلى الفعل لا يتخلف عن الفعل، وإن كان قادراً على تركه، فهذا هو مقصد أبي الحسين في كون الداعي موجباً، أعني كمقصد أصحابنا في وجوب الفعل من الملجأ. والله أعلم.

  فلا يلزم ما ذكره الرازي من كونه يلزم أبا الحسين القول بالجبر، وفي حواشي شرح الغاية: وأما قول أبي هاشم: إنه إذا وجد الداعي وانتفى الصارف وجب الفعل وصولة الرازي بهذا على المعتزلة، وإلزام أبي هاشم الجبر، فالتحقيق أن الداعي إلى الفعل لا ينفك عن الصارف عنه الذي هو داعي الترك، فإنه ما من فعل إلا وهو مشتمل على مصلحة ومفسدة، فالداعي والصارف متمانعان على الفعل والترك، ولا يترجح أحدهما إلا باختيار العبد.