مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثامنة [القلب]

صفحة 1572 - الجزء 3

  إلا في محل مخصوص، وقرره بوجوه:

  أحدها: أن وجوده لا في محل محال بدليل أنا نجد من أنفسنا تعذر فعله منا لا في محله، سواء فعلناه بسبب أو ابتداء، وكذلك ما يفعله الله تعالى من العلوم؛ لأنه إذا أوجده تعالى لا في محل فقد اختص⁣(⁣١) به على أبلغ الوجوه؛ لأنه صار موجوداً على حد وجوده كالإرادة، فيجب أن توجب له العالمية، ولو صح ذلك عليه لصح عليه الجهل؛ لأن ما صححه صحح ضده؛ إذ لا يفتقر أحد الضدين إلى أزيد مما افتقر إليه الآخر في التصحيح، وصحة الجهل عليه تؤدي إلى انقلاب ذاته؛ لأنه عالم لذاته، فلما كان وجود العلم لا في محل يؤدي إلى هذا المحال وجب أن يحكم بإحالته.

  قلت: أراد # أنه لو جاز أن يوجد الله تعالى علماً لا في محل لاختص بالباري تعالى؛ لأن وجود ذلك العلم على حد وجود الله تعالى لا في جهة، كما أن إرادة الله تعالى اختصت به لوجودها لا في جهة كوجوده تعالى، ولو كان كذلك لكان هذا العلم موجباً للعالمية، كما أن الإرادة لما اختصت به على هذا الوجه أوجبت له صفة المريدية، ولو جوزنا وجود العلم لا في محل وأنه يوجب صفة للقديم تعالى لجاز وجود جهل كذلك؛ لأن تصحيح علم لا في محل يصحح جهلاً لا في محل لما ذكره #، وصحة الجهل تؤدي إلى ما ذكره # من المحال.

  هذا تحقيق كلام الإمام المهدي #. والله أعلم.


(١) أي الله تعالى. تمت. مؤلف.