مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1573 - الجزء 3

  وهو مبني على مذهبه في الإرادة، وأما غيره فيستدلون بما تقرر من استحالة وجود عرض لا في محل.

  الوجه الثاني: أن ذلك المحل لا بد وأن يكون فيه حياة؛ إذ وجوده في الجماد محال أيضاً؛ لأنه إذا وجد فيه لم يخل إما أن يوجب أولا، الثاني باطل؛ لأن العلل لا يصح وجودها غير موجبة، ولا تقف في إيجابها على شرط، وإذا أوجب لم يخل إما أن يوجب لمحله، وهو محال لعدم الحياة فيه، أو لغيره فلا اختصاص به، والمعنى لا يوجب إلا لما اختص به، فبطل بذلك صحة وجوده في محل لا حياة فيه.

  الوجه الثالث: أنه لا يصح وجوده في كل محل فيه حياة بأنا نجد من أنفسنا تعذر إيجاده في أيدينا، وفي كل عضو غير القلب، فعلمنا أنه يحتاج إلى أمر زائد على بنية الحياة؛ إذ لو كفت لصح منا إيجاده في كل عضو، ولما صح منا إيجاده في القلب دون غيره، علمنا أن بنيته هي التي احتاج إليها مع الحياة.

  الوجه الرابع: في الدليل على أن ذلك المحل المخصوص هو القلب، فلأنا نعلم وجوده من ناحية الصدر، ولا قائل بأنه يوجد في غير القلب مما يحويه الصدر.

  قلت: وهذه الآية ونحوها مما نبه الله به على أن # محل لجميع أنواع الاعتقادات، بل ذلك في حكم التصريح.

  قال الحاكم: وكل ما يتركب على بنية القلب صح وجود العلم فيه، ولا عبرة بالمخالفة في الصورة، ولذلك اشتركت الملائكة والجن والإنس في العقل وإن اختلفت صورهم.