مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1582 - الجزء 3

  من اشتراط العقل الكامل، والفهم الثاقب، ويؤيد ذلك ما روى علي # أن النبي ÷ قال: «يا علي لا تقض بين اثنين وأنت غضبان».

  وعن أبي بكرة قال: سمعت رسول الله ÷ يقول: «لا يقض حاكم بين اثنين وهو غضبان».

  قال بعض العلماء: سبب هذا النهي أن الحكم حالة الغضب قد يتجاوز بالحاكم إلى غير الحق، فمنع، وبذلك قال فقهاء الأمصار، وقيل: إنما منع من ذلك لما هو مظنة لحصوله، وهو تشويش الفكر، وشغلة # عن استيفاء ما يجب من النظر، فلا يحصل استيفاء الحكم على وجهه، وهذا ظاهر كلام أصحابنا، ولهذا قاسوا عليه كلما يحصل به تغير الفكر، كالجوع، والعطش، والبول، والنعاس المفرط، وغير ذلك، بجامع ما يحصل بسببها من تشويش الفكر، وهو قياس مظنة على مظنة، على أنه قد روي عن أبي سعيد مرفوعاً:

  «لا يقض القاضي إلا وهو شبعان ريان».

  وروي أن شريحاً كان إذا جاع أو غضب قام ولم يقض. وعلى الجملة إنه يجب أن يتوقى في قضائه كلما يوجب شغل الفكر، أو اختلاط الأمر، ولذا قال أصحابنا: إذا كان حضور العلماء يورثه الضجر، أو استشغال الفكر نحاهم عن نفسه.