مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية عشرة [استطراد في السمع والبصر]

صفحة 1584 - الجزء 3

  فإن قلنا بتحريم الحكم مع هذا كان اعتبار الغضب المطلق؛ لأنه منضبط وهذا غير منضبط فتعلق الحكم بالمظنة، وسواء وجد معها المئنة أم لا، فلا فرق بين مراتب الغضب، كالسفر المعتبر للقصر وإن لم توجد المشقة، واعترضه في الروض بأن حكمه ÷ في فتواه في حال الغضب وإن كان خاصاً به، فإنما هو لأجل عصمته عن الخطأ، فلو كان النهي معلقاً بالمظنة لما كان للخصوصية وجه كما في السفر المعتبر للقصر في أنه يشترك فيه جميع المكلفين.

  قلت: الأولى الجمع بين الأدلة بما ذكره صاحب البدر من اختصاص النهي بما إذا أدى الغضب إلى عدم تميز الحق من الباطل، وهو ظاهر كلام صاحب المنتقى فإنه قال في ترجمة الباب باب النهي عن الحكم في حال الغضب إلا أن يكون يسيراً لا يشغل.

  وأما القول بالخصوصية لأجل العصمة، فغير مسلم لنهيه ÷ علياً كرم الله وجهه عن القضاء حالة الغضب، وهو معصوم.

  واعلم أنهم قد اتفقوا على أنه إذا حكم في حال غضبه وصادف الحق نفذ حكمه وصح، سواء كان النهي للتحريم أو للتنزيه، إلا أنه إذا أقدم عليه جرأة بطل حكمه على القول بالتحريم؛ لاختلال عدالته فقط، ولم يخالف في نفوذ حكمه إلا بعض الحنابلة، قالوا: لأن النهي يقتضي الفساد، وفصل بعضهم بين أن يكون الغضب طرأ عليه بعد أن استبان له الحكم فلا يؤثر، وإلا فهو محل الخلاف، قال ابن حجر: وهو تفصيل معتبر.