مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1587 - الجزء 3

  تكلم به في حضرة الحاكم، فيعمل بتفسيره له لاستناده إلى اليقين.

  قلت: وهذا هو المذهب فإنهم قد نصوا على أن ما كان طريقه الاستفاضة كالموت، والنسب، والنكاح، والوقف، والولاء فإنها تقبل شهادته فيه، سواء أثبته قبل ذهاب بصره أو بعده، وأما ما لم تكن طريقه الاستفاضة فإن كان قد تحمل الشهادة قبل ذهاب بصره قبلت شهادته فيه كالدين، والإقرار، والوصية. وإن لم يتحملها إلا بعد ذهاب بصره، فقيل: لا تقبل؛ لأن الشهادة على الصوت لا تصح لاحتمال المشابهة في الأصوات. وقيل وهو المذهب: بل تقبل إذا عرف الصوت وأفاد العلم؛ إذ المعتبر حصول اليقين وهو ممكن فيما لا يفتقر إلى الرؤية. وأما قياس الأعمى على الفاسق فقياس فاسد؛ لعدم وجود علة الأصل في الفرع، فإن العلة في ردَّ شهادة الفاسق هي الفسق، وهي غير موجودة في الأعمى، بل العلة فيه هي عدم العلم فحيث حصل العلم في بعض الصور وجب قبول شهادته؛ لعموم الأدلة، وعدم ما يوجب الرد. وقصر القبول على النسب مع مشاركة غيره له في عدم افتقاره إلى الرؤية تحكم.

  وأما الأصم فلا تصح شهادته على لفظ إلا عن مشاهدة وسماع؛ إذ لا يقين إلا عنهما، فإن لم يشاهده وإنما شهد على مجرد الصوت، فإن حصل العلم جازت الشهادة اتفاقاً، وإن لم يحصل إلا الظن، فقال الهادي # في الأحكام وهو أحد قوليه في المنتخب وهو المذهب: إن الشهادة لا تصح، وهذا قول جمهور العلماء.