مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة عشرة [قطعية وعيد الكفار]

صفحة 1589 - الجزء 3

  الثاني: أنه أتى باللام التي تفيد الملك والاستحقاق، فقال: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٧}⁣[البقرة] مبالغة في عدم تخلفه عنهم ومفارقته إياهم حتى كأنه ملك لهم لازم. ولا خلاف بين المسلمين في حسن تعذيب الكافر واستحقاقه، إلا ما يحكى عن مقاتل بن سليمان وبعض الخراسانية، وبعض الكرامية، فذهبوا إلى أن المشرك لا يعاقب، وأنه لا معنى للشرك، غير أنهم يسترون هذا المذهب.

  وحكى الرازي في تفسيره اتفاق المسلمين على أنه يحسن من الله تعالى تعذيب الكفار، قال: وقال بعضهم: لا يحسن، وفسروا قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ٧}⁣[البقرة] بأنهم يستحقون ذلك، لكن كرمه يوجب عليه العفو. ثم ذكر لهم شبهاً أرعد فيها وأبرق، لكن بعض تلك الشبه تقتضي قبح العقاب، والقبح ينافي ما ذكره هنا من الاستحقاق لولا أن كرمه يوجب العفو، فأين الدليل من الدعوى؛ والذي يظهر أنه إنما أوردها لأمرين:

  أحدهما: إبطال مسألة التحسين والتقبيح العقليين.

  الثاني: إثبات العفو عن فساق الأمة كما يظهر من تقرير تلك الشبه؛ ولأنه قال في الجواب عنها: وأما الذين أثبتوا وقوع العذاب، فقالوا: إنه نقل على سبيل التواتر من رسول الله ÷ وقوع العذاب، فإنكاره يكون تكذيباً للرسول ÷، وأما الشبه التي تمسكتم بها في نفي العذاب فهي مبنية على مسألة الحسن والقبح، وذلك مما لا نقول به.

  واعلم أنا نورد تلك الشبه ونستعين بالله تعالى علي حَلَّهَا، والتخلص من ظلماتها، إلا أنا قبل ذلك نقدم كلاماً نافعاً