قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  في بيان استحقاق العذاب ليكون جواباً جملياً عن تلك الشبه، ثم نتبعه بالجواب عنها مفصلاً إن شاء الله، فنقول:
  اختلف العلماء في استحقاق العقاب هل هو ثابت عقلاً وسمعاً؟ أم عقلاً فقط؟ أم سمعاً فقط؟
  فقالت العترة $، وأكثر المعتزلة، وكثير من المجبرة: بل هو ثابت عقلاً وسمعاً. وقال القاضي عبد الجبار: بل عقلاً فقط والشرع مؤكد. وقال أبو رشيد: بل تجوز دلالة الشرع عليه دلالة مستقلة عن العقل.
  وقالت الكرامية، وابن الراوندي: بل سمعاً فقط، ووافقهم على ذلك السيد أبو القاسم المرتضى الموسوي من العدلية.
  قلت: أما الأدلة السمعية فهي كثيرة وستأتي في مواضعها إن شاء الله، ومنها هذه الآية، وقد بينا وجه دلالتها، وأما الأدلة العقلية فنذكر منها ما يليق بهذا الموضع وهي كثيرة:
  أحدها: تصويب العقلاء من عاقب المسيء على الإساءة، فلولا أن العقل يحكم بهذا الاستحقاق لما صوبوه.
  الدليل الثاني: ذكره الموفق بالله # في الإحاطة، وهو أنه قد ثبت أن الاعتقاد باستحقاق الثواب والعقاب على فعل الطاعات وتركها، وفعل المعصية وتركها لطف لأحدنا في أدائها، واجتناب المعاصي، ومعلوم ضرورة أن من اعتقد استحقاق الثواب والعقاب كان أقرب إلى أداء الطاعات، واجتناب المعاصي منه إذا جوز أو شك، فيجب علينا