مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1597 - الجزء 3

  بالنظر إلى الصرف عن المعصية والدعاء إليها، وحينئذٍ لا يكون إقدام العاصي عليها لغلبة الداعي، بل لسوء اختياره عند تردده.

  قال الإمام المهدي #: فأما مع تيقن وصول العقاب على المعصية إلى فاعلها فإنه يصير بذلك ملجأ إلى ترك المعصية، فيبطل تكليفه.

  قلت: أراد # أنه يكون ملجأ مع تيقن وصول العقاب حيث كان اليقين غالباً للداعي لا مع تساويهما؛ لأنه # قد نص هو وغيره من أصحابنا على أن تجويز العقاب أو ظنه لا يكفي في الزجر، ولا يخرج عن الإغراء، وقد تقدم قريباً اشتراط تساوي الصارف والداعي. وأما قول السائل: إنه يصير العلم باستحقاق العقاب كالعلم باستحقاق الثواب في أنه غير مقابل للداعي، فقد تقدم أن الثواب الموعود به على ترك المعصية المشتهاة وإن كان عظيماً إلا أن تراخيه مع شهوة تعجيل اللذة الحاضرة، والأمان من العقاب عليها يُهَوَّنُ فوات تلك المنفعة المتأخرة.

  واعلم أن الإمام المهدي # ذكر أن اختيار العاصي للمعصية لا يكون إلا لأحد أمرين:

  أحدهما: عدم العلم باستحقاق العقاب، إما لأجل إنكار الصانع، أو لغلبة الجهل، وهؤلاء ليس الصارف في حقهم مقاوماً للداعي، لكن لم يؤتوا في انتفاء الصارف أو ضعفه من جهة الله تعالى، بل من جهة أنفسهم؛ إذ لم ينظروا على الوجه الصحيح، وإنما مثلهم مثل من غمض عينيه وسار على الشوك فاشتاك، فإنا نعلم أن خالق الشوك غير