المسألة الثالثة عشرة [قطعية وعيد الكفار]
  بالنهي والزجر كاف في دفع الإلجاء لكان صواباً، فإن الملائكة $ مكلفون مع عدم هذا الداعي، ويكون في حَقنا زيادة تكليف فقط كتخلية إبليس، اللهم إلا أن يظهر فارق بين شرط تكليفنا وتكليف الملائكة $. والله أعلم.
  ولعل الإمام # بنى كلامه هذا على ما قرره من قصر اختيار المعاصي على أحد الأمرين، أو على أن هذا الدليل ضعيف عنده، ويكون اختياره في الدلالة على استحقاق العقاب غيره. والله أعلم.
  فإن قيل: قد قررتم أنه لولا العلم باستحقاق العقاب على القبيح لكان الباري تعالى مغرياً به بخلقه الشهوة له، فيلزمكم أن يكون تعالى مغرياً بالمكروه بخلق الشهوة له مع الأمان من العقاب على فعله، والإغراء بالمكروه قبيح، كما أن اللطف الداعي إلى تركه واجب؛ إذ لو لم نقل بقبح الداعي إلى فعله لبطل وجوب الداعي إلى تركه؛ إذ لا يصح أن يقال: يجب عليه فعل الداعي إلى ترك المكروه، ويحسن منه فعل الداعي إلى فعله؛ لأن ذلك مناقضة.
  والجواب من وجهين:
  أحدهما: أنا لم نوجب اللطف الداعي إلى ترك المكروه إلا لأن الإخلال به يعود على التكليف به بالنقض، وهو التعريض للثواب على تركه، فإنه إذا أعلم المكلف بأن له في تركه ثواباً، وعلمنا أن في مقدوره ما يدعو المكلف إلى تركه ليحصل له الثواب الذي عرضه له، ولم يفعل ذلك الداعي كان تعريضه كلا تعريض يلحق بالعبث،