قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}
  فهذا وجه الوجوب، وأما خلق الشهوة فهو نفس التعريض؛ لأنه لا يستحق الثواب على تركه إلا معها، وإلا انتفت المشقة، وحينئذٍ يحسن منه فعل الشهوة وليست إغراء بقبيح؛ لأن المكروه ليس بقبيح.
  وأما قولكم: إنه لا يصح أن يقال: يجب عليه فعل الداعي إلى الترك، ويحسن منه فعل الداعي إلى الفعل.
  فجوابه: أن القول بذلك صحيح لاختلاف وجهي الدعاء؛ إذ الدعاء إلى تركه يخرج به عن العبث بالتكليف بتركه، والدعاء إلى فعله تمكين من وصول منافع لا طريق إلى وصولها إلا بخلق الداعي إلى فعله، وهو الشهوة.
  الوجه الثاني: أنا لو فرضنا المناقضة التي ذكرتموها، فإنا نقول: إن العلم باستحقاق الثواب على الترك في من الصرف عن فعل المكروه لنقصان شهوة المكروهات عن شهوة المقبحات، فيستوي الداعي إلى الفعل وهو الشهوة الناقصة والصارف، وهو رجاء الثواب على الترك، ونقصان شهوة المكروه معلوم.
  ألا ترى أن أحدنا لا يجد من شهوة الأكل بالشمال كما يجد من رؤية شهوة الوجه الحسن المحرم، ونحو ذلك كثير، لا يقال فيلزمكم مثله فيما نقصت شهوته من القبائح كالكذب الذي لا ينفع ولا يضر، وهو أنه يكفي في الخروج عن الإغراء به العلم باستحقاق الثواب؛ لأنا نقول إنه وإن نقصت شهوته في حال فإن توطين النفس على منعها منه مما يشق ويصعب، وحينئذٍ لا يكفي في تحمل مشقة منع النفس منه