مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1612 - الجزء 3

  أن لا يكون إلى وجوبها طريق، وقد علم بطلانه فثبت أن العلم باستحقاق العقاب عقليٌ محضٌ.

  قال الإمام المهدي #: ولأبي رشيد أن يقول: إنما يلزم ذلك لولم تمكن معرفة الله إلا بعد العلم باستحقاق العقاب، والمعلوم أنه يمكن النظر فيها وتحصيلها وإن لم يعلم استحقاق العقاب، وإذا أمكن ذلك أمكن العلم بصحة السمع، وحينئذٍ يصح الاستدلال به على استحقاق العقاب، وإنما الذي يقف على العلم بالاستحقاق هو وجوب المعرفة لا إمكانها، وحينئذٍ يصح قول أبي رشيد: إنه يمكن الاستدلال بالسمع على الاستحقاق مستقلاً، خلا أن القاضي بنى على الغالب، وهو أن المكلف لا يتحمل مشقة النظر في معرفة الله إلا عند المخافة من الإخلال بها، فمهما لم يخف لم ينظر، وإذا لم ينظر لم يعلم الله، وإذا لم يعلمه لم يعلم استحقاق العقاب.

  قال #: وذلك قريب، ومن ثم اخترنا كلام القاضي، وهو محمول على ما أوضحناه.

  فإن قيل: هلا كفى في وجوب المعرفة تجويز استحقاق العقاب، وإن لم نقطع باستحقاقه، كما يكفي ذلك في وجوب النظر في أول أحوال التكليف.

  قيل: قد أجاب عن هذا الإمام المهدي # فقال: إن تجويز الاستحقاق كاف في وجوب النظر والمعرفة؛ لأن الضرر الموهوم كالمعلوم في وجوب التحرز منه حيث استوى طرفا التجويز ما لم يعلم