مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة عشرة [قطعية وعيد الكفار]

صفحة 1614 - الجزء 3

  الرابع: أن يكون له شهوة أو شبهة؛ لأنا لو قدرنا وقوع القبيح من الله تعالى لم يستحق عقاباً، وإن كان عالماً بقبحه، ولا إلجاء ولا إكراه له، وإنما لم يستحق ذلك لعدم الشهوة والشبهة في حقه تعالى؛ إذ الشهوة من صفات الأجسام، والشبهة مختصة بالعالم بعلم، والله متعال عن ذلك كله، وقد كان بعض أصحابنا يقول: يجب أن يكون عالماً بقبحه أو متمكناً، ويصح عقابه حتى يستحق العقاب، وكأنه أراد بقوله: ويصح عقابه إخراج الباري في هذه الصورة المقدرة تعالى الله عنها، وما ذكرناه في الشرط الرابع⁣(⁣١) يغني عنه، على أن بعض أصحابنا قد ذكر صورة يصح فيها العقاب ولا يستحق، وهي: أن من أغناه الله بالحسن عن القبيح لو فعل قبيحاً لكان لا يستحق عقاباً، وإن كان يصح عقابه؛ لأنه لا يكون مكلفاً بترك القبيح؛ إذ لا مشقة عليه في امتناعه حتى إذا امتنع استحق الثواب، ومن لا مشقة عليه في امتناعه لم يصح أن يكلف الامتناع عنه، وبهذا يظهر لك أنه لا يصح الإخراج إلا بما ذكرنا.

  فإن قيل: فما المؤثر في استحقاق العقاب من هذه الشروط؟

  قيل: الأول فقط، وما بعده شروط في صحة الاستحقاق؛ لأن علمه بقبحه أو تمكنه من العلم بقبحه يكون من فعل الله تعالى⁣(⁣٢)، وفعل الله لا يجوز أن تستحق عليه العقوبةَ، وإنما يستحق العقاب على ما يفعله لا غير.


(١) وهو قوله أن يكون له شهوة. نخ. تمت مؤلف.

(٢) لأن العلم بالقبح ضروري والضروري من فعل الله، وكذلك إذا كان العلم بالقبح نظرياً فتمكنه من النظر إنما يكون مع العقل والقدرة على النظر وكلاهما من فعل الله تعالى. تمت مؤلف.