مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1652 - الجزء 3

  لأن العقاب خاصة حقه فبإغرائه وأمره بالقبيح قد أسقطه، وليس كذلك الذم؛ لأنه تعالى لا يختص به، بل يحسن أن نذمه.

  قال #: والأقرب في ذلك أنه إن كان يعلم أنه قبيح، أو يتمكن منه فبأمره، وإغرائه لا يخرج من أن يكون عالماً بقبحه أو متمكناً من العلم بقبحه ولا إلجاء وله شهوة أو شبهة، فيجب أن يستحق الذم والعقاب، وأما اللطف فإن منعه يجري مجرى التكليف مع المنع، فلا يحسن ذمه ولا عقابه.

  قال #: وفيه نظر.

  قلت: يرجع في معرفة وجه النظر إلى مسألة اللطف، وقد استوفيناها في الفاتحة.

  فإن قيل: لا نسلم لكم أن الذم يستحق دائماً فإن المسيء والمساء إليه لو ماتا انقطع الذم.

  قيل: إنما ينقطع فعله لا استحقاقه، والكلام في الاستحقاق ولا حال ينتهي إليها المسيء إلا ويحسن من المساء إليه ذمه، وإن أماتهما الله تعالى مراراً وأحياهما مراراً كما تقدم، ولنا أيضاً على ثبوت دوام الذم أنا نعلم ضرورة حسن ذم فاعل القبيح في الحالة الأولى والثانية على سواء، والعلة المقتضية له في الحالة الأولى وهي فعل القبيح مع جميع الأوقات على سواء، فلا تزال مقتضية للحكم حتى يرتفع بأحد الأمرين المتقدمين؛ لأنهما بمنزلة طرو الضد على ضده.

  وإذا ثبت هذا في الذم ثبت في العقاب مثله. ووجه آخر وهو