مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

قوله تعالى: {إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون 6 ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم 7}

صفحة 1651 - الجزء 3

  فإن قيل: أليس يجوز أن يثبت الذم ولا عقاب والعقاب ولا ذم، فكيف قلتم: إنهما يثبتان معاً ويزولان معاً حتى توصلتم بذلك إلى القول بدوام استحقاقهما؟

  قيل: نحن لم ندع أنهما يثبتان معاً ويزولان معاً على كل وجه، وأن أحدهما لا ينفصل عن الآخر بحال، وإنما قلنا: إنهما إذا ثبتا واستحقا جميعاً ثبتا معاً وزالا معاً، وما ثبت لأحدهما ثبت للآخر مثله؛ لاتحاد المؤثر في الثبوت والسقوط، فأما إذا لم يثبتا معاً وإنما ثبت أحدهما فلا.

  قال الموفق بالله #: ولا يمتنع أن يكونا مستحقين على الدوام وإن كان أحدهما مشروطاً بشرط لا يكون الآخر مشروطاً به، ولا يخرجان من استحقاقهما دائماً، ولذلك يستحق المدح والشكر على الدوام وإن كان أحدهما⁣(⁣١) مشروطاً بما لا يكون الآخر مشروطاً به.

  فإن قيل: كيف يثبت الذم ولا عقاب؟

  قيل: القديم تعالى لو أغرى أحدنا بفعل القبيح أو أمره به، أو لم يفعل اللطف عند من يوجبه عليه تعالى فإنه يستحق الذم ولا عقاب، وقد تقدمت الإشارة إلى هذا.

  قال الموفق بالله #: وقد قيل: إنه لا يستحق الذم ولا العقاب؛ لأنه تعالى بأمره إياه وإغرائه ومنعه اللطف قد أسقط حقه عنه من الذم والعقاب، ومن قال: لا يستحق العقاب ويستحق الذم يقول:


(١) وهو الشكر فإنه مشروط بتقدم الإحسان دون المدح. تمت مؤلف.